كونٌ يصطبغ بالرمادي
الكثيف يعبق بالنعاس ، بالتثاقل ، قِلال هم من مضوا إلى أعمالهم الى مصالحهم ،
راجين الله أن تصحو بسرعة ، أن تشعل الجو بالدفئ ، أن تهب الحياة لهذا الكون
القاتم بدونها .
كومة اخشاب مقطوعة رطبة مهملة هم بدونها ، تنتظر من يحك حجري صوان ،
من يحرق عود ثقاب ، من يضغط ببساطة على كبسة قداحة ، من ينشئ تلك الشرارة التي
ستقلب الحال ... ستحول كومة الخشب الهادئة المُسالمة الى تلك المجنونة الحمراء
الهائجة .
يطول الانتظار ... لكنها في النهاية تصحو ، ببطئ ، بتكاسلٍ ، تُطل
برأسها من خلال غطائها الابيض السميك السحري الرائع ، تنظر حولها بدلال ، ثم تفعل
مثلي تماماً وتؤثر دفئ الفراش ونعومة المخدة على الاستيقاظ باكراً ، وتعاود دس
رأسها في السماء الملبدة .
تكتفي بإرسال بعضٍ من اشعتها المفعمة بالحياة بالألوان لوجه البسيطة
المتجهم ، ترسل معها قبلة ضياء ، توقعها بـ " مع حرارتي " .
في هذه اللحظات : هناك من يصحو مفعماً بالطاقة والنشاط ، وهناك من يصحو بتكاسلٍ
مثلها بالضبط ، هناك من يقف لحظة ليخطط ليومه ، وهناك من يبدأ يومه دون اي تخطيط
ابداً ، اما انا فقد صحوت قبلها اليوم انتظرتها تأملتها وابتسمت كثيراً . اكتفي
بهذا القدر وانهي تأملي بهذا المشهد المذهل الذي للأسف لا أجد النشاط الكافي
لأشاهده عادةً .
اغمض عيني ،اترك كل صخب المدينة التي بدأت تستفيق للتو ، وأتأمل
" سرعان ما ستستيقظ تلك الكسولة حقاً ، ستقفز من الماء من بين الجبال الى كبد
السماء وتحول تلك اللوحة بألون الموناليزا البائسة الى لوحة فنان متهور مجنون
مغامر لا يخاف صخابة الألوان أو إشعاعها ، باختصار سيولد الأمل الجديد مرة أخرى
ككل يوم لكني اليوم فقط لاحظته ".